(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ
طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ *
تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ
الأمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثَلُ كَلِمَةٍ
خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأرْضِ مَا
لَهَا مِنْ قَرَارٍ) (إبراهيم/ 24-26).
تلعب الأسرة دوراً خطيراً في واقع الأمة الإسلامية، فهي قد تكون كالشجرة
الطيبة التي تجسد رسالة السماء وتزرع في أفرادها بذور المسؤولية وتدفعهم في
مسيرة الإصلاح، وبهذا تؤتي أُكلها، وقد تكون الأسرة كالشجرة الخبيثة التي
تكون مرتعاً للفساد والرذيلة ويتخرج منها مختلف أنواع الطغاة والمفسدين في
الأرض.
ولاعجب في أن تصبح الكثير من الأسر مؤسسات للفساد السياسي في المجتمعات
الإسلامية بعد ذلك.
- الأسرة.. مشكاة:(اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا
مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ
دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ
وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ
نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ
اللَّهُ الأمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (النور/
35).
المشكاةهي الحفرة في الجدار التي تساعد على تركيز الضوء حيث يوضع المصباح
فيها ولو تصورنا أن هذا المصباح الموضوع في المشكاة، في وسط الزجاجة تعمل
على عدم تشتت الضوء والزجاجة كأنها كوكب دري، الذي يشبه الدر في اندفاع
ونقاء ضوئه، والزيت الذي يشعل نور المصباح هو زيت الزيتون لا شك أن النور
الذي سوف يخرج سيكون على درجة كبيرة من الإضاءة، هكذا يشبه الله نوره في
السماوات.
إن نور الله هذا ينزل على قلب كل إنسان ولكن كيف أن نستفيد من هذا النور
ونجعله مضاعفاً.
لابدّ أن يوضع في مشكاة ومصباح عبر زجاجة أي أن نحافظ
عليه بشتى الوسائل الممكنة.
وما المصباح الذي يحوي النور إلا عقل الإنسان؟
وما الزجاجة التي تمنع تسرب النور إلا الأحاسيس
الإنسانية كالعين والأذن التي تكشف نور المصباح؟
ولكن أين تلك المشكاة التي تعمل على تركيز ذلك النور وتوجيهه؟
هنا يطلق القرآن
أدق تسمية ويسطر أفضل مفهوم للأسرة حين يقرر أن الأسرة هي
مشكاة لنور الهداية والرسالة، لتربية النفس البشرية بأفضل ما يمكن
وتنميتها، وذلك لتتضاعف ثمارها.
أما إذا وضع النور في رياح الشهوة فسوف يقل إشعاعه،
لذلك لابدّ من وضعه في مشكاة الأسرة الفاضلة. لأن الإيمان فيها ينمو
نمواً طبيعياً معتدلاً. ومن دون أسرة فاضلة ومع تراكم العقد والاحباطات
النفسية، فإنه من الصعب أن تنمو روح الإيمان في الإنسان