سيدنا محمد (صلَّى الله عليه وسلم) لم يطلب من الناس أن يقدسوا فيه صورة اللحم والدم، ولا أن يرغبوا بنفسه عن أنفسهم ليموتوا كي يحيا أو ليهونوا كي يعظم، أو ليفتدوا أمجاده الخاصة بأرواحهم وأموالهم، أو ليتأله فوقهم كما تأله فرعون وأمثاله من الجبارين.كلا، فسيدنا محمد يريد من المؤمنين أن يقدسوا فيه معنى الرسالة وأن يقتدوا فيه مثلها العالية، وأن يصونوا -في شخصه- معالم الحق المنزل ومآثر الرحمة العامة.إن الأنبياء لم يحيَوا لأنفسهم، والمصيبة فيهم لا تنزل بهم أو بأهلهم خاصة.إنهم يحيون للعالم كله.فلا غرو إذ كانت تفديتهم من أصول الإيمان ومعاقد الكمال.وقد كان سيدنا محمد (صلَّى الله عليه وسلم) أهلاً لأن يحب؛ وما تعرف الدنيا رجلاً فاضت القلوب بإجلاله، وتفانى الرجال في حياطته وإكباره مثل ما يعرف ذلك لصاحب الرسالة العظمى سيدنا محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام





كان رسول الله صلى الله عليه و سلم خلقه القرآن بل كان قرآنا متحركا بين الناس, كان إذا أمر فهو أول من يأتمر, و كان إذا نهى فهو أول من ينتهي, و كان إذا حد فهو أول من يقف عند حدود الله تبارك و تعالى
عن أنس بن مالك قال : "ما صليت وراء إمام قط صلاة أخف و لا أتم من النبي صلى الله عليه و سلم و إن كان ليسمع بكاء الصبي فيخفف مخافة أن تفتن أمه "( متفق عليه). يصلي بالناس جماعة صلى الله عليه و سلم فيحيا لذة العبادة بالوقوف و المناجاة لله رب العالمين, تلك الصلاة التي هي راحته و غاية أنسه و سعادته و قرة عينه, فيخففها عندما يسمع بكاء الصبي رحمة بأمه و رعاية لعاطفتها الفطرية تجاهه. أي رحمة وسعت البشرية لسيد البشرية صلى الله عليه و بارك و سلم تسليما كثيرا
كان صلى الله عليه و سلم يعفو عمن ظلمه وعند المقدرة والتمكن...و كان يدعو بالهِداية حتى لأولئك الذين أدموا قدميهِ وجسدِه وآذوه بشتّى أصنافِ الأذى, فكان خلقه يعلو عن كل رذيلة و كل هواجس النفس المقيتة, فكره رحمة ,نظرته رحمة, كلامه رحمة, كله رحمة أنزله و ابتعثه الله اٍلينا تجليا لأعلى مظاهر الرحمة الاٍلهية المطلقة بالشرية كافة و جميع المخلوقات عامة

{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا}
{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ‬